تعديل

السبت، 5 يناير 2013

كيف يصبح ولدك رجلاً ؟



إن مما يعاني منه كثير من الناس اليوم وخاصة الآباء ظهور الميوعة وآثار الترف في شخصيات أولادهم ، ولمعرفة حل هذه المشكلة لا بد من الإجابة على سؤال مهم وهو :
كيف ننمي عوامل الرجولة في شخصيات أطفالنا ؟
إن موضوعَ هذا السؤال من المشكلات التربوية الكبيرة في هذا العصر ، والاسلام طرح حلولاً عديدة لتنمية الرجولة في شخصية أبناءنا ، ومن ذلك ما يلي :
1. تكنيته باسم رجولي لائق ( أبو فلان ) :
فمناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأم فلان ينمي الإحساس بالمسئولية ، ويشعر بأنه أكبر من سنة فيزداد نضجه ، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد ، ويحس بمشابهته للكبار ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكني الصغار بهذه الطريقة وهذه الشواهد :
فعن أنس رضي الله عنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً ، وكان لي أخ يقال له أبو عمير- قال : أحسبه فطيماً – وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟! } رواه البخاري
وعن أم خالد بنت خالد قالت :  {أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثيابٍ فيها خميصة سوداء صغيرة ( الخميصة ثوب من حرير) فقال : ائتوني بأم خالد فُأتي بها تُحمل ( وفيه إشارة إلى صغر سنها ) فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال : أبلي وأخلقي ، وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال : يا أم خالد ، هذا سناه ، وسناه بالحبشية حسنٌ }  رواه البخاري
وفي رواية للبخاري أيضاً :{ فجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إليَّ ويقول : يا أم خالد ، هذا سنا ، والسنا بلسان الحبشية الحسن }  رواه البخاري
2. أخذهم للمجامع العامة وإجلاسهم مع الكبار :
وهذا مما يوسع فهمه ويزيد في عقله ويحمله على محاكاة الكبار ، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب ؛ وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومن القصص في ذلك :
ما جاء عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : { كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفرٌ من أصحابه وفيهم رجلٌ له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره ، فيقعده بين يديه ..   } رواه النسائي ، وصححه الألباني
3. تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين :
لتعظيم الشجاعة في نفوسهم ، وهي من أهم صفات الرجولة  
كان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان , أخذ معه أحدهما وهو (عبد الله بن الزبير)إلى بعض المعارك وشهدها ، وكان يحمله على فرسه أثناء القتال حتى قتل وهو على فرسه ووكل به رجلاً . و أما الولد الآخر كان يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير : أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير يوم اليرموك : ألا تشد فنشد معك ؟ فقال: إني إن شددت كذبتم ، فقالوا : لا نفعل ، فحمل عليهم ( أي على الروم ) حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحدٌ ، ثم رجع مقبلاً فأخذوا ( أي الروم ) بلجامه ( أي لجام الفرس ) فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضُربها يوم بدر ، قال عروة : كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير ، قال عروة : وكان معه عبدالله بن الزبير يومئذٍ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس ووكّل به رجلاً “  رواه البخاري
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : وكأن الزبير آنس من ولده عبدالله شجاعة وفروسية ، فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه ، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال ، وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن الزبير أنه كان مع أبيه يوم اليرموك ، فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم ” [ أي يكمل قتل من وجده مجروحاً ، وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره ]
4. تعليمه الأدب مع الكبار :
كأن يسلم على الكبير إذا رآه أو مر بجانبه أو … كما أرشدنا لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { يسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعد ، والقليل على الكثير }   رواه البخاري
5. إعطاء الصغير قدره وقيمته  في المجالس :
لاحظ إلى المعلم الكبير ماذا يعلمنا كما روى سهل بن سعد رضي الله عنه قال : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال : يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ ؟ قال : ما كنت لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله فأعطاه إياه }  رواه البخاري
6. تعليمهم الرياضات الرجولية :
كالرماية والسباحة وركوب الخيل ، وجاء عن أمامة بن سهل رضي الله عنه قال :  {كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجراح أن علموا غلمانكم العوم } رواه الإمام أحمد
7. تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث :
فيمنعه وليه من رقص كرقص النساء ، وتمايل كتمايلهن ، ومشطة كمشطتهن ، ويمنعه من لبس الحرير والذهب ، وقال مالك رحمه الله ” وأنا أكره أن يُلبس الغلمان شيئاً من الذهب لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تختم الذهب ، فأنا أكرهه للرجال الكبير منهم والصغير”  موطأ مالك
8. تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين ، وعدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة وإعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته : وذلك يكون بأمور مثل :
-  إلقاء السلام عليه ، كما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان فسلم عليهم }  رواه مسلم  
-  وكذلك استشارته وأخذ رأيه وتوليته مسؤوليات تناسب سنه وقدراته واستكتامه الأسرار فعن أنس رضي الله عنه قال : { أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان ، قال : فسلم علينا فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي ، فلما جئت قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة . قالت : ما حاجته ؟ قلت : إنها سرٌ . قالت : لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا ً } رواه مسلم
وفي رواية عن أنس رضي الله عنه قال : { انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا ، ثم أخذ بيدي فأرسلني برسالة وقعد في ظل جدار- أو قال إلى جدار- حتى رجعت إليه } رواه أبو داوود                                     
 وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : { كنت غلاماً أسعى مع الغلمان فالتفت فإذا أنا بنبي الله صلى الله عليه وسلم خلفي مقبلاً فقلت : ما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا إلي ، قال : فسعيت حتى أختبئ وراء باب دار ، قال : فلم أشعر حتى تناولني فأخذ بقفاي فحطأني حطأة ( ضربه بكفه ضربة ملاطفة ومداعبة ) فقال : اذهب فادع لي معاوية قال : وكان كاتبه فسعيت فأتيت معاوية فقلت : أجب نبي الله صلى الله عليه وسلم فإنه على حاجة } رواه أحمد
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها :
o تعليمه الجرأة في مواضعها ، ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة .
o الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء ، وقصات الشعر والحركات والمشي ، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء .
o إبعاده عن الترف وحياة الدعة والكسل والراحة والبطالة ، وقد قال عمر رضي الله عنه: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.
o تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى ، فإنها منافية للرجولة ومناقضة لصفة الجد .
هذه جملة من الوسائل والسبل التي تزيد الرجولة وتنميها في نفوس الأطفال ، نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية وصلى الله وسلم وبارك على نبي الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More